شرح احداث الفيلم الذى لم يفهمه الجميع | Enemy |










ENEMY 
علينا أن نتفق منذ البداية على نقطة شديدة الأهمية، وهي أنّ أحداث الفيلم لا تدور حول شخصيتين، وإنّما حول شخص واحد فقط، أي أنّ “آدم” و “أنتوني” هما نفس الشخص، لماذا؟ لأنّ مخرج الفيلم وبطله قد صرحا بذلك، حيث أوضحا أنّ قصة الفيلم تدور حول شخص متزوج ومتورط في علاقة مع امرأة أخرى، يصارع نفسه ورغباته ليحافظ على حياته الزوجية، وما الفيلم إلّا تصوير للصراع الداخلي لهذا الشخص مع نفسه.
استنتاج هذا الأمر بأنفسنا قد يكون صعبًا جدًا حتى بعد المشاهدة الثانية، لكن الحصول على شرح مماثل من القائمين على الفيلم شخصيًا يعطينا دفعة إلى الأمام وثقة لاكتشاف خبايا هذا الفيلم المعقد بأنفسنا، وإن كنت شخصيًا لا أزال غير قادرة على تحليل مشاهده كاملة رغم مشاهداتي المتعددة وقراءاتي للعديد من المقالات التي تقدم شروحات للفيلم، وذلك لوجود بعض التناقضات وبعض الثغرات (أو هكذا أظن على الأقل) في بعض مقاطع الفيلم، إلّا أنّني هنا سأحاول تقديم شرح مبسط لما أعتقد شخصيًا- وبعد الكثير من البحث- أنّه التفسير الصحيح للفيلم.
هناك احتمال كبير في كون آدم \ أنتوني مصابًا بانفصام الشخصية، حيث أنّ المشهد الوحيد الذي جعلني أفكر في صحة هذه الفرضية هو مشهد لقاء آدم بهيلين وملامحه التي تدل على أنّه لا يعرفها، لكنني لا أريد التعلق كثيرًا بهذا الاحتمال نظرًا لعدم وجود مشاهد أخرى تدعمه بشكلٍ كافٍ، إلّا أنّ المشاهد التي تؤكد فكرة كون آدم وأنتوني شخصًا واحدًا متعددة وكثيرة نذكر من بينها:
  • لقاء أنتوني وآدم فقط في أماكن خالية لا يوجد فيها أحد غيرهما، مما يجعلنا نفكر في كون هذا اللقاء ضربًا من الخيال.
  • تواجد جرح متطابق على كل من جسد أنتوني وآدم، وفي نفس المكان، وهو ما يدل على أنّ الأمر لا يتعلق فقط بشخص يشبهه، وإنّما شخص يملك نفس الجسد.
  • إجابة أنتوني على الهاتف بمجرد اختفاء آدم عن الأنظار عندما حاولت هيلين الاتصال به.
  • يعمل أنتوني كممثل مساعد، بينما يعمل آدم كأستاذ جامعي، وأثناء زيارة هذا الأخير لوالدته نتعرف على أنّه يعمل “عملًا محترمًا” وأنّه كان يحلم أن يكون ممثلًا، مما يجعلنا نخلص إلى أنّ آدم قد عمل بالفعل كممثل سابقًا، إلّا أنّه فشل في هذا المجال مما جعله يغير اتجاه مسيرته العملية ليصبح بعد ذلك أستاذًا جامعيًا.
هذه التفاصيل تدفعنا إلى الاستنتاج بأنّ آدم وأنتوني ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، أو جانبين مختلفين من نفس الشخصية، شخصية الشاب المتزوج المقبل على استقبال مولود جديد، والذي يحاول بكل ما أوتي من قوة مقاومة رغباته إلّا أنّه يقترب من فقدان القدرة على هذه المقاومة، وشخصية الخائن الذي يحاول التخلص من هذه العلاقة والعودة إلى رشده، حيث يمثل الفيلم صراعًا بين هاتين الشخصين ومحاولة كل منهما التغلب على الأخرى.
خيانة آدم تتجلى في إقامته علاقة مع ماري في شقة شبه خالية تمامًا، وهو ما قد لا يبدو مريبًا للوهلة الأولى نظرًا للوضع البائس الذي يبدو عليه آدم، إلّا أننا لاحقًا ننتبه إلى أنّ هذه الشقة ليست محل سكنى بطل الفيلم، وإنّما مجرد مكان سري يلتقي فيه بعشيقته، من ناحية أخرى، تمت الإشارة إلى هذه الخيانة بشكل رمزي يصعب الانتباه إليه عند دخول آدم إلى محل تأجير أشرطة الأفلام -عندما تم اقتراح هذا الأمر عليه من طرف أحد زملائه دون أي مناسبة- حيث أنّ الأغنية التي كانت مشغلة داخل المحل تحمل عنوان The Cheater أو “الخائن”، بالإضافة إلى ذلك، نلاحظ تواجد بوستر لفيلم يحمل عنوان Attack of the 50 foot woman، كما نلاحظ تواجد صورة قد مزق الجزء الذي يظهر وجه هيلين منها داخل الشقة التي يلتقي فيها آدم وماري، مما يشير إلى أنّه قد مزقها حتى لا تقع في يد ماري التي لا تعلم أنّه متزوج.
تجدر الإشارة إلى أنّنا شاهدنا جميع هذه التفاصيل قبل “لقاء” أنتوني وآدم أول مرة، وهو ما يدفعني إلى تفسير هذا اللقاء- الذي حدث في ظل التوتر الشديد لعلاقة آدم وماري- على أنّ بطل الفيلم قد قرر أخيرًا العودة إلى زوجته مدفوعًا بالإحساس الشديد بالذنب الذي انعكس على مزاجه ومظهره، إلّا أنّ شخصية أنتوني (العاشق للنساء وإن كان يظهر عكس ذلك) لا زالت تحول وبين الوصول لهدفه بشكل أو بآخر، بحيث نشاهد سعي آدم للعودة إلى هيلين، وسعي أنتوني إلى إقامة علاقة مع ماري “قبل أن يختفي تمامًا من حياة “آدم”، في إشارة إلى قرب نهاية مرحلة الخيانة من حياة بطل القصة، وهو ما يتحقق بالفعل عندما يتجدد رباط الحب بين بطل الفيلم وزوجته، لنشاهد في المقابل “تعرض” أنتوني وماري إلى حادث سير في إشارة إلى اختفائِهما من حياته.
لكن ماذا عن العنكبوت التي صدمت كل من شاهد الفيلم، وأجبرته على إعادة مشاهدته لعله يفهم ما الذي شاهده بحق السماء؟؟
في الواقع، لم تكن تلك العنكبوت الضخمة هي الوحيدة التي ظهرت في الفيلم، بل شاهدناها في عدة مشاهد أخرى: في بداية الفيلم، بعد زيارة آدم لوالدته، في حلم آدم، وفي زجاج السيارة التي تعرضت للحادث.
باختصار، تمثل هذه العنكبوت بالنسبة لآدم “المرأة” في مختلف حالاتها، إلّا أنّها تشترك في أنّها تقيد حريته وتخنقه ب”شباكها”، ويتمثل ذلك في خوفه الشديد من المسؤولية التي تنتظره بعد ولادة طفله الأول، وكذا من كونه مجبرًا على البقاء وفيًا لزوجته والتصدي للرغبات التي “تعشش” في دماغه (نلاحظ في بوستر الفيلم بوضوح تواجد عنكبوت ضخمة في دماغ البطل، في إشارة إلى تفكيره الدائم في النساء)، من ناحية أخرى، نجد أنّه يشعر أنّ حريته مقيدة أيضًا من طرف والدته التي تتذمر من أسلوب حياته طوال الوقت.
إذا لاحظنا سنجد أنّ جميع المشاهد التي ظهرت فيها العناكب كانت مرتبطة بشخصية آدم فقط، باستثناء المشهد الأول من الفيلم، حيث يظهر أنتوني وهو يشاهد عنكبوتًا يتم دعسه، وهو ما يشير إلى تحرره من جميع القيود بقدومه إلى ذلك النادي الخاص، وهو ما يحيلنا مرة أخرى إلى آخر مشهد في الفيلم، حيث يمسك آدم بمفتاح الدخول إلى النادي بشكل يوحي أنّه قد قرر الذهاب إليه، قبل أن نشاهد العنكبوت التي تتراجع إلى الوراء في خوف من أن يتم “دعسها”.
في الحقيقة، هناك تفسيرين يربطان بين المشهد الأول والأخير للفيلم، في التفسير الأول يتم اعتبار أنّ المشهد الأول ما هو إلى تتمة للمشهد الأخير، بمعنى أنّ بطل الفيلم قد التحق بالفعل بالنادي وقام بالفعل بتحقيق مخاوف العنكبوت التي تم دعسها بعد أن ضرب بعرض الحائط التزاماته تجاه زوجته وتحرر من خيوط شبكتها، وما يساند هذا التفسير هو ما تم ذكره خلال الفيلم من أنّ أنتوني لم يزر النادي منذ ستة أشهر، أي منذ أن علم بحمل زوجته، بينما في المشهد الأول نشاهد زوجته الحامل مباشرةً بعد مشهد النادي.

أمّا التفسير الثاني فيميل لفرضية أنّ “أنتوني” قد عاد مرة أخرى ليسيطر على آدم ويقوده ليمر بنفس التجربة من جديد، استنادًا على ما جاء على لسان آدم عندما كان يشرح مقولة لكارل ماركس مفادها أنّ التاريخ يعيد نفسه بشكل يكون فيه في المرة الأولى مأساة والمرة الثانية مهزلة، مما يدعو الكثيرين إلى الظن بأنّ المشهد الأخير لم يكن سوى إشارة إلى أنّ أحداث الفيلم ستعاد من البداية مرة أخرى.
ما هو رأيكم في هذا الشرح؟ وهل لديكم شرح آخر للفيلم؟ وما رأيكم في فيلم Enemy؟ شاركونا في التعليقات.

جميع الحقوق محفوظة لموقع اراجيك 
تعليقات